يعرف ميناء مستغانم، نشاطا رقابيا على قدر عال من الأهمية في الأيام الأخيرة، لاسيما في ما يتعلق بإجراءات التحصيل الجمركي وتسيير المحجوزات ومدى تطبيق الجهات المختصة لقانون الجمارك، بحيث خص مؤخرا والي مستغانم عيسى بولحية رفقة وفد هام يتقدمه أعضاء اللجنة الأمنية والسلطات القضائية لمجلس قضاء مستغانم، ميناء مستغانم بزيارة رسمية، لمتابعة مجريات عمليات مباشرة مصالح الجمارك، الإجراءات القانونية مع المصالح القضائية لتسيير المحجوزات على مستوى الحظائر التابعة للجمارك في ميناء مستغانم، لأجل التأكد من مطابقتها لأحكام المادة 130 التي تعدل المادة 300 من قانون الجمارك والمتعلقة ببيع المحجوزات، إضافة إلى المادة 131 الصادرة في قانون المالية لسنة 2022
لم تكشف مصالح الولاية، أبعاد الزيارة، كما أنها لم تتطرق إلى تداعيات فضيحة استخراج مركبات رجل الأعمال الموقوف محي الدين طحكوت، واكتفت ذات المصالح، بالقول إنها تدخل في سياق الحرص على التحصيل الجمركي ومكافحة كل أشكال الفساد وما يرمز إلى التقصير في استعادة حقوق الخزينة العمومية
وجاءت زيارة والي مستغانم إلى المؤسسة المينائية، بعد أيام قلائل فقط عن حلول بعثة استعلامية عن لجنة المالية والميزانية لمجلس الأمة برئاسة طرباق عمر، بميناء مستغانم، لمتابعة مدى تطبيق ما جاء به القانون رقم 07-79 المؤرخ في 21 جويلية 1979 المتضمن قانون الجمارك المعدل لاسيما في ما يخص المصالحة الجمركية والتطرق للأسباب والمعوقات التي تواجه عملية التحصيل، إلى جانب النظر في مدى تطبيق المادة 87 من القانون رقم 14/19 المتعلق بقانون المالية لسنة 2020 من حيث واقع تسيير المحجوزات على مستوى الحظائر التابعة للجمارك
لجنة الاستعلام تقف على حقائق صادمة
وكانت لجنة الاستعلام البرلمانية، حطت بمصلحتي المنازعات والتحصيل الجمركي، كما عاينت كافة حظائر السيارات والمخازن التي يتم حجز فيها السلع القابلة للتلف والبضائع التي تتطلب ظروفا خاصة للحفظ، إلى جانب البضائع التي قد يشكل تخزينها خطرا على الأمن والصحة العموميين. وذكرت لجنة الاستعلام البرلمانية، أن معاينتها الدقيقة، بينت وجود تراخٍ في تطبيق بعض أحكام المادة 130 من قانون المالية لسنة 2022، ترتب عليه ضعف مسجل في التحصيل، الأمر الذي دفع، رئيس البعثة الاستعلامية إلى طلب إنجاز تقرير واضح وكامل، كما أصر على الوقوف على جميع حظائر المحجوزات بما فيها المخازن، مشددا على متابعة النقاط المجاورة لقطاع الجمارك
في هذا السياق، اطلع أعضاء البعثة، على المخازن التي استغلت في غالبها لغرض الحجز من طرف الجمارك، كما تم الاطلاع رفقة القابض الرئيسي للجمارك على البضائع المحجوزة المتمثلة في قطع غيار مستعملة ومركبات، وعاين الوفد أيضا مستودعات أشبه بـ “خردة” صدمت أعضاء اللجنة، الذين استغربوا بشدة للحالة المزرية التي آلت إليها المحجوزات بسبب التكدس وعدم مراعاة الظروف المواتية للتخزين، علاوة على وقوف لجنة الاستعلام، على حقائق صادمة تخص عدم عرض تلك المحجوزات التي صدرت بحقها أحكام قضائية للبيع في المزاد العلني
وبالنظر إلى العيوب الفادحة، التي وقف عليها أعضاء اللجنة، أعلن النواب عن زيارة وشيكة ثانية من نوعها إلى ميناء مستغانم، والوقوف مرة أخرى على قضية التحصيل الجمركي للتأكد من مدى الحرص على تطبيق أحكام المادة 130 من قانون المالية لسنة 2022 تفعيلا للدور الرقابي للجنة
هذه الزيارات المكثفة لوفود رسمية إلى ميناء مستغانم، تأتي بعد أيام فقط عن “نبش” الجهات الرسمية في فضائح تصرف رجال أعمال موقوفين في قضايا فساد ومحكوم عليهم بأحكام نهائية، في ممتلكاتهم المحجوزة والمصادرة بقوة القانون، بحيث تشتغل المصالح الأمنية في مستغانم، بجدية على ملف ما سرب مؤخرا بشأن اختفاء 1272 مركبة من ميناء مستغانم محملة في حاويات كل حاوية تحوي 4 سيارات تم جلب هذه الأخيرة من دولة كوبا
أين اختفت الحاويات؟
وتظهر المعلومات التي بحوزة “الشروق”، أنه تم استدعاء أحد إطارات الميناء، لإيضاح “نقاط ظل”، بخصوص وجهة السيارات التي كانت محجوزة في مرفأ الحاويات، والدوافع الحقيقية وراء عدم تسديد تكاليف التخزين والحراسة وتأجير معدات الرفع بقيمة إجمالية قدرها 13 مليار سنتيم .وتشير المعطيات ذاتها، إلى أن التحقيقات تهم ضريبة تأخر إرجاع الحاويات وطرق التصرف في هذه الأخيرة بعد تفريغها، لأن هناك معطيات دقيقة تؤكد اختفاء الحاويات التي كانت بداخلها المركبات المحجوزة على مستوى “نهائي الحاويات”
وتؤكد المصادر أن الجهة المحققة تركز على مكان وجود الحاويات التي لم تُعد لحد الآن إلى مرفأ الحاويات، لأن الوقت لا يعد كافيا للتصرف في قرابة 1300 مركبة في وقت قياسي، خاصة أن مصنع تركيب السيارات لصاحبه محي الدين طحكوت لا يزال مغلقا، ويتوقع مصدر مطلع أن يتم استدعاء المزيد من الأشخاص على مستوى ميناء مستغانم، لإثراء التحقيق في قضية الحال، لاسيما مديرية الاستغلال، التي تكون قد رفضت كافة طلبات الاستخراج في وقت سابق
حري بالذكر أن المديرية العامة للأمن الوطني، كانت أعلنت عن حجوزات في غاية الأهمية عبارة عن أملاك مخفية لرجل الأعمال محي الدين طحكوت والمسجون حالياً في قضايا فساد، وقدرت القيمة المالية الإجمالية لأملاك هذا الأخير المحجوزة 10 مليارات دينار أي 1000 مليار سنتيم، وكانت أملاك طحكوت محل إخفاء من طرف بعض أفراد عائلته، وبعض المقربين منه، ولم يصرح بها إلى الجهات القضائية، بحيث كان الهدف من الإخفاء، تحويلها وبيعها بطريقة غير شرعية.
وكشفت المديرية العامة للأمن الوطني، عن تورط 24 مشتبهاً في هذه القضية، بمن فيهم أفراد من عائلة طحكوت ومقربين منه.